بقلم: د. ذوقان عبيدات
لم تعد غزة مدينة، أو ساحة، أو بحرًا، ولا حتى مقاومة ! هي أعلى من ذلك بكثير، ومع اعترافي برفعة المقاومة، فالمقاومة جزء من غزة، فهي امتداد وقوانين، وتصويبات، بل غزة هي أم الجامعات التي تقدمت للمرتبة الأولى من أول خمسمائة جامعة متفوقة على القاهرة، ودمشق، وبغداد، وسائر العواصم العربية باستثناء الجامعة ذات المليون،! غزة ذات العشرة آلاف زهرة تنبت غابات المستقبل، غزة جامعة مهارات الحياة!
في هذه الجامعة -وقد تقدمت بطلب للالتحاق بها- أُعجبت بخمسة مساقات حياتية جديدة هي:
(1)
المسافة من نقطة الصفر
هذا مصطلح فارق، سيُلغي كثيرًا من قوانين الفيزياء، والإدارة، والتعليم، وسيُغنينا بمفاهيم أخلاقية، وإنتاجية جديدة.
ومن أشهرها مفاهيم الالتصاق والاقتحام، ويعطي معانيَ جديدة للذوبان" والانصهار، كيف يذوب معدن الدبابات بأجساد المقاومين"؟
- مفاهيم المسافة الصفرية في التربية، يعني التصاق الأم، والأب بالأطفال، والتصاق المعلم بالطلبة، والتصاق الكتاب بالطالب وليس العكس!
إنها فلسفة تربوية جديدة، على التربويين تحديد مبادئها، وتنظيم قواعدها.
- والمسافة الصفرية في الإدارة، ستُلغي قوانين إدارية كثيرة لصالح قوانين ذوبان القائد، والعاملين معًا في مؤسستهم، وعلماء الإدارة وباحثوها مسؤولون عن تنظيم هذه الفلسفة الجديدة في الإدارة.
وهكذا في كل مجال سيتحول الصفر إلى أكبر من كل الأرقام إذا عرفنا كيف نضعه إلى يمين المقاومة، وليس إلى شمال المحبطين.
ملاحظة: المسافة الصفرية لا تمنع من الرؤية الشاملة للموقف.
( 2)
الفوز ليس كسب الجولة، بل تطوير قوانين الحرب!
الإنجاز هو تطوير قيم جديدة،
وليس تحقيق فوز، وكما قلت سابقًا: الفوز في الرياضة ليس في تسجيل الأهداف، بل في تحقيقها وشتان بين المفهومين!
فما الذي طورته فكرة السابع من أكتوبر؟ أقول: السابع من أكتوبر لأنه فكرة مكتملة بذاتها، ولن تتأثر بما يجري بعدها من جرائم أو اقتسام التركات والغنائم المسمومة!
السابع من أكتوبر أسقط نظريات: العجز المكتسب، ونظرية توازن القوى" الكف والمِخرز". ومعادلات الكيمياء ذات الطرفين المتكافئين، كما ألغت قوانين عديدة قيّدت العقل العربي، والأمل العربي، ويكفي أنها أتت بمفهوم المسافة الصفرية، وأعادت الاعتبار إلى نظرية النسبية، فحين تكون المسافة صفرًا تكون السرعة لا نهائية، ويكون الزمن معدومًا.
ومن غير المقاومة تستطيع فعل ذلك!
في طريق تحرير فلسطين معادلات جديدة علينا اكتشافها.
لقد طوّرت حماس قواعد النصر
مهما كانت النتائج!
( 3 )
لا تبدأ منْ: "ثانيًا" ، ابدأ: من "أولًا"!
قرأت حماس الموقف من: "أولًا"! وهو فلسطين عربية، وإسرائيل دولة محتلة، ولذلك واجبنا هو تحرير فلسطين! أما الغرب، فقد قرأ من الصفحة الثانية؛ حماس اعتدت على إسرائيل ، ولذلك من حقها أن تدافع عن نفسها! طبعًا يعرفون ما في الصفحة الأولى، ولكنهم لا يريدون قراءتها! في الصفحة الأولى وعد بلفور، وجرائم 48، وقرار 138، وعودة اللاجئين الفلسطينيين، والدعم الغربي المستمر لإنشاء الكيان الصهيوني، وحماية إسرائيل، والجسر الجوي في اكتوبر 73، والمشاركة الأمريكية المباشرة في خلق إسرائيل، وحقوق الإنسان. وهذا كله في الصفحة الأولى غير المقروءة.
والتحدي أمام العرب-الأمة- لا الدول أن تقرأ اللغة العربية، وأن يسمعوا العالم: اقرأوا بدءًا من الصفحة الأولى.
الغرب لم يقرأ الصفحة الأولى، هذا مفهوم! لكن ما يحيّر أنّ عربًا لم يقرأوا لا الصفحة الأولى ولا الأخيرة، وهم الجيل الخامس من المنافقين والفاسدين!
( 4 )
منافقو الجيل الخامس!
النفاق قديم قِدَم السلطة، حيث توجد سلطة يوجد نفاق، يزداد ويتحول بمدى فساد السلطة. فالابن ينافق سلطة والده المستبد، والطالب ينافق معلمه المستبد، وهكذا في كل سلطة.
- منافقو الجيل الأول هم من سكتوا على فساد السلطة.
-منافقو الجيل الثاني غازلوا السلطة سرّا، وزادوا من فسادها.
- منافقو الجيل الثالث غازلوا السلطة علنًا على طريقة:
ألستم خير من ركب المطايا؟
أو لولاك ما طار عصفور على الشجر!: والمكافأة: أعطِهِ يا غلام!
- منافقو الجيل الرابع؛ هم من قايضوا السلطة بالسلطة على طريقة: (اللي خلّفَهُ أبوك: إلَكْ ول "أخوك"). يعني توزيع المناصب، وتدويرها، وتوريثها على طريقة:
أهيم بدعدٍ ما حييتُ فإن أمُتْ
(أوكّل) بدعدٍ من يهيم بها بعدي؛
ابن الرئيس رئيس، وكذلك ابن الوزير والمدير، والعين، وابن الذين! لذين.
-منافقو الجيل الخامس، الخياطون ، الذين يقيسون جسد السلطة، ويخيطون "عالمقاس "
يعظّمون توافه السلطة، ويتفّهون عظائم الأمور،. هؤلاء هم إعلاميو السلطة، أو فريق المنشدين! يقنعونك بأن أعداء الأمة هم أصدقاؤها، وأصدقاء فلسطين أعداؤها!
محاربة منافقي الجيل الخامس هو طريق لانتصار المقاومة الفلسطينية.
( 5 )
المقاومة: نكون أو نكون!
خلافًا لرأي شكسبير: نكون أو لا نكون! المقاومة ليست مغامرة غير محسوبة، وليست تذكرة في اتجاه واحدة، وليست تذكرة ذهاب وإياب؛ المقاومة فعل مستمر لا يخضع لحسابات الربح والخسارة، فالربح في هذا الفعل تحرير فلسطين، والخسارة هي قطعنا خطوات غير كافية لتحرير فلسطين! ولذلك شعارها وشعارنا: نكون، أو نكون! بمعنى: نقاتل، أو نخطط لقتال قادم، فصاحب القضية يكون دائمًا حتى لو خسر؛ هناك حماس واحد، وحماس اثنان، وحماس ثلاث...، وحتى عشرة، أو حتى حماس التحرير، وليرحمنا انتهازيو الجيل الخامس ومنافقوها، و المحبطون، وليسقط من ينتظرون نهاية سقوط المقاومة!
ملاحظة: فهمت جنابك منافقي الأجيال الخمسة؟!!